1412 هـ / 1991م
الرهاب احد أنواع العصاب التي اجمع المختصون على إنها حالة خوف غير منطقي أو غير مبرر، يعد اضطرابا في إدراك الفرد لخطورة موقف أو موضوع أو شيء ما/ يدفعه إلى سلوك الهرب أو التجنب. ينتشر في المجتمعات البشرية كافة دون استثناء، رغم اختلاف قيمها ومعاييرها وأسسها الحضارية. تؤدي الإصابة به إلى تقييد حرية المصاب واختلال اتزانه مع تدني مستوى أدائه وتهديد مستقبله الوظيفي والاجتماعي.
تحددت مشكلة البحث بتعريف الرهاب وعرض ماهيته من وجهة نظر المدارس النفسية الرئيسة، وبالتعرف على وبائيته في المجتمعات وعلاقة بعض المتغيرات بتلك الوبائية.
كان الإطار النظري للبحث وفي مجمله سعيا لعرض وجهة نظر محددة للرهاب تنسجم وإجراءات تحديد وبائيته وتقنيات علاجه بعد إن اختلفت المدارس النفسية جميعا في النظرة إليه.
ففي الوقت الذي يعتقد فيه فرويد إن الرهاب مجرد متلازمات (تناذرات) Syndromes يمكن أن تشكل جانباً من أعصبة أخرى سماها هستيريا الحصر، التي تلعب آليات الإسقاط والإزاحة الدور الأساس في عملها وتكوينها والتي ترد عادة إلى الطفولة. يرى السلوكيون انه (أي الرهاب) مجرد عادة غير سوية تم تعلمها عن طريق الاشراط، تبدأ جذورها منذ الطفولة المبكرة أيضاً، بينما يعتقد المعرفيون انه اضطراب في الإدراك يؤدي إلى خلل في تقدير درجات الخطر لشيء أو موقف أو موضوع ما، ينشأ في كافة الأعمار دونما استثناء.
بعد العرض المفصل لوجهات نظر تلك المدارس وبأسلوب نقدي تبين إن هناك أسئلة ينبغي الإجابة عنها ميدانيا بوصفها أهدافا للبحث هي :
1. ما نسبة انتشار الرهاب (وبائيته) في المجتمع؟
2. ما هي موضوعات الرهاب الأكثر انتشارا في المجتمع؟
3. هل هناك علاقة لإصابة احد أفراد الأسرة بوبائيته؟
4. ما نسبة المصابين بالرهاب بين مجمل مراجعي العيادات النفسية؟
5. هل هناك علاقة بين الحالة الزواجية ووبائية الرهاب؟
6. هل هناك اختلاف بين الذكور والإناث بالنسبة للإصابة بالرهاب؟
7. هل التصنيفات النظرية للرهاب مثل (رهاب المجال، الاجتماعي، النوعي... الخ). قابلة للتطبيق إحصائياً في المجتمع؟
8. ما مدى فاعلية بعض التقنيات المعرفية لعلاج حالة الرهاب؟
9. وبتطبيق بعض الاستفتاءات المفتوحة وقائمة الرهاب المكونة من 60 موضوعا للرهاب على عينة قوامها 730 طالبا وطالبة من جامعتي بغداد والمستنصرية، اختيروا عشوائيا من التخصصات كافة، وبعد استخدام الاختبار التائي ومعامل ارتباط بيرسون والتحليل العاملي (الوسائل الإحصائية) تم التوصل إلى النتائج الآتية :
عدم جدوى تصنيف الرهاب على أساس الفئات من الناحية الإحصائية ويفضل تناول موضوعاته بشكل منفصل، الأمر الذي يشكل فيه فائدة اكبر من الناحية التشخيصية والعلاجية، وفي الدراسات المسحية والجوانب التطبيقية المختلفة.
هناك عشرون موضوعا للرهاب تنتشر في المجتمع أكثر من باقي الموضوعات المذكورة في القائمة، وهي التي ينبغي تناولها في الدراسات السريرية والوبائية في المجتمع العراقي مستقبلا.
لقد كانت وبائية الرهاب بين أفراد العينة 12.5%.
أكثر موضوعات الرهاب التي حصلت على نسب عالية (غير طبيعية) هي:
التفكير باحتمالات الإصابة بالسرطان 59.6%.
التفكير باحتمالات الإصابة بأمراض القلب 46%.
وهذا يعني إن أكثر أنواع الرهاب ضغطاً على الحالة النفسية في المجتمع هي التي تتعلق بتقديراتهم لخطر الإصابة باحتمالات الموت.
ينتشر الرهاب بموضوعاته كافة بين النساء أكثر من الرجال.
لا علاقة لحالة الزواج أو لإصابة احد أفراد الأسرة بوبائية الرهاب.
اتضح إن الإقبال على العيادات النفسية لأغراض العلاج من حالات العصاب بشكل عام والرهاب على وجه الخصوص قليل جدا مقارنة بوبائيته في المجتمع ويعود ذلك كما يبدو لأسباب تتعلق بالثقافة النفسية من جانب وبالرواسب المعتقدية من جانب آخر.