كأن يومنا هذا مثل أمسنا الغابر البعيد.
كأن سياسة التبعيث التي بدأت مع إعتلاء الحزب القائد للسلطة، وتفرد صدام بالسلطة، وخوض الحروب من أجل السلطة، سياسة لم تفارق أهل العراق المجيد.
كأن ملايين الأرواح التي زُهقتْ في الطريق الشائك إلى التغيير، والملايين الأخرى التي نُحرتْ قرابين من أجل التغيير، لم تقترب من السماء في دعواتها لحصول التغيير، ولم تذكر في صلوات نحرها شيئأ عن التغيير، ولم تبارك من سيقود ويحكم من جديد.
وكأن الإنتهازية، وإزدواج الشخصية في النفس العراقية لم تدفن في ذاكرة النسيان، ولم يأبه لها من يحاول إعادة بناء العراق السعيد.
وكأن الخوف في داخلنا حاجة نداري بها آلامنا وفشلنا الفريد.
وإخافة غيرنا في المحيط القريب ندواي به جرحاتنا التي لم تندمل منذ عشرات السنين، ونلملم بواسطته أوصالنا التي تناثرت في عالم مديد.
كأن الأهداف التي وضعها علية القوم في برامجهم الإنتخابية لإعادة البناء وهمٌ، وأنتخابهم وهمُ، والتصفيق لهم وهمٌ لم يلتفتوا لعوامل الفشل في تحقيها وسط التزاحم لكسب المزيد.
وكأن فدائيو صدام، ورجال الأمن الخاص قد عادوا من جديد.
كأن، وكأن ...........وهناك المزيد، تجسدها حقيقة تنقل شباب، ورجال بمختلف الأعمار بين دوائر الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية هذه الأيام، يرتدي قسم منهم اللباس الديني المعروف، كما كان ذوو البدلات الزيتزني يفعلون في زمن صدام، يقصدون المدراء العامين وبعض المسؤولين المؤثرين في القرار لتحقيق غايات خاصة، يختصرون طريق التعريف بشخوصهم بعبارة موجزة فحواها (( السيد يبلغك السلام))، والأجرأ منهم للإخافة وتسريع الوصول إلى الغاية المبتغاة يضيف لها ((السيد المرجع ...... يبلغك السلام))، وكأنهم استبدلوا كلمة الرفيق التي كانت تخيف بالسيد التي يراد لها أن تخيف.
من هو السيد هذا لايهم، لأن مثر الخوف قد حقق غايته في الإخافة.
وهل يعلم السيد إن كان موجودا بالفعل، فهو لا يهم أيضا، لأن المراجع وهم الأكبر شئنا من هذه الصغائر لا وقت لديهم ليدققوا في مثل هكذا أمور، المهم بالنسبة لهؤلاء الطفيلين تحقيق فعل الإخافة بقدر إنفعالي يؤمن أستجابة الموافقة على ما يريدون نيابة عن السيد الذي لا دخل له أو لم يكن موجود في الأصل.
كأن يومنا هذا مثل أمسنا الغابر، يوم أعتلى فيه الأنتهازيون مفاصل حزب البعث فتسببوا في تغيير مسيرته إلى الهاوية، ويعتلي اليوم هم أيضا مفاصل أحزاب فاعلة في الساحة، سيقَوّضون مسيرتها حتما بمنطق التكرار، وأستغل فيه النفعيون الوضع النفسي القلق للمدراء والمسؤولين إبان حكم الحزب الواحد ليحققوا مكاسب شخصية، فاسهموا في تشويه صورته في عقول العراقيين، ويستغلون هم أيضا تلك المستويات الوظيفية بنفس الطريقة وذات الأسلوب لتحقيق ذات المنافع، وسيسهمون بتشويه عديد من الصور التي يفترض أن تبقى لامعة بمنطق التعميم، مع الفارق في أن نخر، وتدمير حزب البعث قد أسهم بتغيير دكتاتورا غير مأسوف على رحيله، لكن تدمير صورة الدين والمرجعية التي بقيت عامل تهدئة في ساحة الإحتراب ستكون له آثار كارثية على عراق الحاضر والمستقبل، يفترض بالحكومة والأحزاب الدينية المشاركة في الحكم التدخل سريعا لمنعه ظاهرة طفيلية تظر بهم قبل غيرهم والأنتخابات المقبلة في الطريق.
د. سعد العبيدي 18/2/2008